مــنــتــد يـا ت ســـجـــو د
مــنــتــد يـا ت ســـجـــو د
مــنــتــد يـا ت ســـجـــو د
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مــنــتــد يـا ت ســـجـــو د

حصريأ افلام اغاني العاب اسلاميات اخرالاخبار برامج جوال برامج كمبيوتر حصريأ خواطر رومانسية اشعار اخر اخبار الصحافة والعالم نقاشات جادة فيديوهات كليب اخر اغاني حصريا علي منتديات سجود حصريا اخر اطباق الماكولات اخر المسجات للجوال والثيمات ونغمات الجوال حصريا
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
مواضيع مماثلة

 

 الإيمان.. وأثره على الصحة النفسية

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
شيماء
نائبه المدير
نائبه المدير
شيماء


انثى المشاركات : 1974
تاريخ التسجيل : 17/05/2010

الإيمان.. وأثره على الصحة النفسية Empty
مُساهمةموضوع: الإيمان.. وأثره على الصحة النفسية   الإيمان.. وأثره على الصحة النفسية I_icon_minitimeالأربعاء مايو 19, 2010 12:28 pm

--------------------------------------------------------------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم





الإيمان.. وأثره على الصحة النفسية




كان علم النفس دائما فخورا كعلم بتقاليده الدنيوية (غير الدينية) الملتزمةبالتنوير. وكان -على الدوام- من ضمن هذه التقاليد وجود شك واضح بكل أشكال التدين،كما يصف بيرنارد غروم.


ولقد نعى رومان رولاند على فرويد أنه لم يفهم المصدرالحقيقي للعواطف الدينية التي هي "شعور بالأبدية"، أو شعور كما لو كان عن شيء بلاحدود وغيره مقيد بقيود؛ في حين يقرر فرويد أنه لا يستطيع أن يعثر على أي أثر لأيشعور كهذا في شخصيته، ويقول: إن ما كان رولاند يقوم بوصفه "كان شعورًا بإزاءالرابطة التي لا تقبل الانفصام بأن يكون واحدا مع العالم الخارجيككل".


والواقع أن فرويد قد استبعد "الشعور العظيم" باعتباره وهمًا قائمًاعلى النكوص إلى حالة وجدانية طفولية. ففكرة أن هناك نوعًا من الاتحاد أو "الكليانية"، وأنها تمثل خبرة حية، أو هي مثَل أعلى ينشد الناس إحرازه تبدو في نظرفرويد انحرافًا عن الوقائع المكينة في القوام الجسمي للإنسان! كان فرويد ميالادائما إلى استبعاد الخبرات التي لا يمكن ردها أو ربطها بالجسم.


غير أن اضطرار علماء النفس إلى الإقرار بكون الدين عاملا مساعدًا للصحة النفسية والجسديةبعد أن تجاهلوه وقللوا من قيمته مثّل نقطة تحول مهمة في علم النفس. بل إن علم النفس المعاصر يعتبر الدين عاملا مهمًّا في إعادة الطمأنينة إلى النفس؛ فقد أكد كارل يونج أهمية الدين وضرورة إعادة فرص الإيمان والرجاء لدى المريض، وأكد ستيكل أهمية تدعيمالذات الأخلاقية على هذا الأساس.


العلاقة بين الإيمان والصحةالنفسية


كما أكد هايكو إيرنست على أنه تبدَّى من خلال عدد متزايد من الدراسات وجود تأثير وثيق وإيجابي متبادل بين الإيمان/التدين والحالة الصحية؛ فمن يؤمن بإله خيِّر أو بأي قوة سامية أو حتى "بمجرد" معنى أعمق للحياة فإنه يتغلب علىأزمات الحياة والمشقة (الإرهاق) والصراعات النفسية الاجتماعية بسهولة كبرى؛فالإيمان يسهل وجود "إستراتيجيات تأقلم" فاعلة، وبالتالي فهو أقل تعرضا للأمراضالنفسية والجسدية. فالإيمان يؤثر وقائيا، ويبدي -إذا ما وقع المرض- ثقة كبرىبسيرورة الشفاء وينمي هذه السيرورة. إنه يسهل حصول الشفاء".


وقد قوم النفساني العيادي ديفيد لارسون بصورة منهجية كل الدراسات التي نشرت في أكبر مجلتين متخصصتين في الطب النفسي بين عامي 1978 و1989 فيما يتعلق بالعلاقات بين الإيمان والصحة النفسية، وتوصل إلى نتيجة مفادها أن التدين يؤثر في 84% من الحالات بشكل إيجابي، وفي 13% بشكل حيادي، وفي 3% فقط ظهر أن التدين مضر صحيا.


إنه لايمكن مغالبة الفطرة التي يعتبر الإيمان جوهرها. ووفق المنظور الإسلامي فإن حياةالمخلوقات مرتهنة إلى غاية؛ هي العبادة (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، وهي بمعناها الواسع تعني تلك الصلة الدائمة بين الإنسان وربه واتصال روحه بالمصدرالعلوي. ومن ثم لم يكن غريبًا أن نجد مثل "جيفري لانج" (عالم رياضيات أمريكي أسلم) يعبر عن تلك الفطرة (الإيمان) بالقول: "يبدو أننا جميعا بحاجة لأن نؤمن بأحد ما أوشيء ما. فالحياة دون معنى أو اتجاه بائسة حقًّا. ويبدو أنه يتوجب أن نحيا من أجلشيء ما عزيز علينا ونموت من أجله، سواء كان هذا الهدف أو الشيء مبدأ سياسيًّا أوخطة حياتية أو أمة أو حلمًا أو فكرة أو مالا أو سلطة أو جاها أو أسرة أو شهرة أوثأرا.


أعتقد أن التقديس جبلة في الإنسان، وأن قدرنا هو أن نكون عبيدا سواءشئنا أم أبينا، وغالبا ما تكون رغباتنا بعيدة عن المنال أو التحقيق. ولكن حتى إن كان من الممكن بلوغها فإنها في الواقع لا تصل إلى مستوى توقعاتنا، وبالتالي تصبح في النهاية كسراب، أو ليس أكثر من مجرد أشياء تختلقها تخيلاتنا الزائفة".


وإذاكان "الإيمان" فطريًّا وضروريًّا فلا بد من الإقرار باختلاف التأثير بحسب موضوع الإيمان ونوع المعتقدات التي نعتقد بها؛ فلا يمكن أن يؤدي الإيمان بالحجر إلى نتائج الإيمان بالله نفسها! كما أن الإيمان هو الذي يمنح المرء القدرة على قبول ما لايستطيع العقل فهمه؛ حين يتصل بعالم علوي بواسطة المعرفة غير البشرية (الوحي)، وهذه المعرفة اليقينية هي التي تفصل الإيمان عن الخرافة، فمن دون معرفة يتحول الإيمان إلى خرافة، وقد يأخذ طابع التشدد والرهبة؛ فتظهر آثاره على شخصية الإنسان وتعامله مع نفسه ومع غيره بشكل مدمر أحيانًا، ولذلك فما نبحثه هنا هو الإيمان السوي الفطري الذي يشبع حاجة الروح إلى مصدر أعلى تلجأ إليه في الشدائد، وتحتمي به النفس منالقلق وعوارض الاضطرابات النفسية الأخرى؛ وقد صور القرآن الكريم حالة الصراع والقلق التي تنتاب الإنسان الذي يفقد إيمانه بالله سبحانه وتعالى بالحالة التي يشعر بهاالإنسان الذي يخر من السماء فَتَخْطَفُه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق.


إن الإيمان يمنح المرء السلام النفسي الداخلي والطمأنينة الروحية،وهذا الأمر يمكن إدراكه في الديانات السماوية المرتبطة بالمعرفة الإلهية (الوحي) على أساس يقيني، دون الوقوع في شرك التأويلات البشرية المتطرفة التي قد تتحول إلىالنقيض؛ فتنتج العداء للآخر المختلف معها في المعتقد.


لكن دين الإسلام يقوم على توازن يندر مثله في الديانات الأخرى؛ فكما هو توازن بين الروح والجسد، كذلك هوتوازن بين الدين والدنيا (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا). وهو تصحيح لانحراف الرهبانية التي أحدثت خللا في التوازن النفسي والاجتماعي. ففقدان هذا التوازن سواء بإنكار الجسد وحاجاته الأساسية أم بإغفال المطالب الروحية للإنسان يجعل حياة الإنسان خالية من المعاني الجميلة والسامية التي تعطي للحياة قيمتها وزخمها وألقها، وتفقده شعوره برسالته الكبرى في الحياة كخليفةلله تعالى في الأرض؛ فتضيع منه أهدافه الحقيقية في الحياة؛ لذلك فالإسلام هو الثوب السابغ للفطرة الإنسانية إذ يلبي حاجات الجسد دون أن يلغي أشواق الروح.



معنى الصحة النفسية


لكن ما معنى الصحة النفسية التي نتحدث عنها؟ تعرف الصحةالنفسية بأنها: "القدرة على مواجهة الأزمات النفسية العادية التي تطرأ على الإنسان،ويرافقها الإحساس الإيجابي بالسعادة والكفاية، ويكون ذلك عادة بإشباع أكبر قدر منحاجاته الأساسية للأمن والحب وإثبات الذات والإنجاز والنجاح".


ولكي يتم توضيح ذلك أكثر يمكن القول: إن أهم عرضين طارئين على الصحة النفسية هما القلق والاكتئاب؛ فالقلق هو الشعور بالخوف من شر متوقع وعدم القدرة على دفعه، أماالاكتئاب فهو الشعور بعدم الاهتمام أو بالقيمة الشخصية وقيمة الأشياء وافتقادالسرور، وفي حالات شديدة منه يترافق باليأس، وقد يؤدي إلى الانتحار.


وتحقيق التوازن بين الجانبين الروحي والمادي في التصور الإسلامي يُكسب الإنسان الشخصيةالسوية التي هي أساس الصحة النفسية؛ مما يقلل من تعرضه لعوادي القلق وأزمات الاكتئاب، وبما أن الإنسان يستعجل دائما لتحصيل السعادة العاجلة (خُلق الإنسان من عجل)، ويغفل العمل للدار الآخرة؛ فإن القرآن يوضح أن الإيمان والعمل الصالح هماوسيلة الحياة الطيبة في الدنيا والفوز بالجنة في الآخرة: (من عمل صالحا من ذكر أوأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوايعملون).


تقوية مناعة الفرد النفسية في الإسلام


يعتمد الأسلوب التربوي في الإسلام على ثلاثة مناحٍ:


المنحى الأول: هو تقوية الجانب الروحيفي الإنسان عن طريق الإيمان بالله وتقواه.


المنحى الثاني: أداء العباداتالمختلفة لتعزيز الجانب الروحي والصفاء النفسي.


المنحى الثالث: هو السيطرةعلى الدوافع الغريزية في الإنسان والتحكم بأهواء النفس التي تؤدي إلىالمعاصي.


آمِنوا.. تَصِحّوا


فيما يخص الإيمان بالله فإنه يقي من حدوث حالات عصابية أو ذهانية؛ فالإنسان يتعرض لضغوط مختلفة تسبب له الإجهاد والقلق، وإذازاد القلق عن حده الطبيعي فإنه يؤدي إلى حالات عصابية أو ذهانية. إن المؤمن ضعيف بنفسه قوي بربه سبحانه، وعندما يلجأ إليه ليستمد منه القوة فإنه يحول نقاط الضغط هذه لصالحه، وهذا اللجوء يكون بالصلاة (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلاعلى الخاشعين) والتضرع (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) والذكر (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).


كذلك فإن ما يفرضه هذا الإيمان على العبد من شعور بالعبودية للرب الخالق الرازق المعطي المانع الضار النافع الرحمن الرحيم العزيز الحكيم يجعل الإنسان في منأى من الخوف أو القلق، والمؤمن لا يخاف فوات رزقه؛ لأنه يقرأ الآية: (وفي السماء رزقكم وما توعدون)، ولا يخاف غير الله (أليس الله بكاف عبده ويخوفونكبالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد).


وفي الإيمان بالقضاء والقدريرتفع الإنسان فوق مخاوفه وهمومه أكثر فأكثر، فما كان لك آتيك على ضعفك، وما لم يكنلك فلن تناله بقوتك، وكما قال عليه الصلاة والسلام: "يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظالله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك. إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله،واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك،وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك. رفعت الأقلام وجفت الصحف".


فبالإيمان بالقضاء يتحقق التوكل على الله والتفويض إليه بعدالأخذ بالأسباب والاعتراف بأن ناصية الإنسان في يد الله يصرّفه كيف يشاء، وأنه ماضفيه حكمه، عدل فيه قضاؤه.


ثم إن الرضا بقضاء الله سبحانه وتعالى يسكب في النفس يقينا وسكينة وطمأنينة؛ فلا يبالغ المؤمن في حزنه ولا في فرحه: (ما أصاب منمصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور). وعدم المبالغة في الحزن والفرح دليل على التوازن الانفعالي ومؤشر على تمتع الشخص بالصحةالنفسية. ومن هنا نفهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "عجبًا لأمر المؤمن! إن أمرهكله له خير؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له. وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًاله"، وفي هذا تعبير عن حالة متقدمة جدًّا في الصحة النفسية.


ويصف عالم النفس يونج كيف يمكن التوصل إلى تحقيق سلام العقل بعدما يكون قد حدث من صراعات طويلة وغيرمثمرة؛ فيقول: "إذا أنت لخصت ما يقوله لك الناس عن خبراتهم، فإنك تستطيع أن تصوغ مايقولونه على النحو الآتي: إنهم رجعوا إلى أنفسهم، وقد استطاعوا أن يقبلوا أنفسهم،وكانوا قادرين على أن يصيروا على وفاق مع أنفسهم، وبذا يكونون على وفاق مع الظروف والأحداث المعاكسة. وهذا أشبه ما يكون بما اصطلح على التعبير عنه بقولنا: لقد توصل إلى سلامه مع الله، ولقد ضحى بإرادته الشخصية لكي يحل محلها إرادة الله، ويضع نفسهتحت تلك الإرادة".


لكن ماذا عن حال الملحد الذي لا يرى معنى لأعمالنا في الدنيا؛ إذ ليس هناك -بزعمه- آخرة وحساب؟ إن عدم شعور المرء بمسؤوليته أمام خالقه يجعل بعض البشر يرتكبون كل الحماقات الممكنة، دون أن يردعهم أي قانون؛ لأن ارتكاب الأخطاء بعيدا عن أعين واضعي القانون ممكن، لكنه ليس كذلك بالنسبة لله الذي يعلم السر وأخفى؛ ثم إن الظلم موجود في هذه الحياة الدنيا، فما لم يكن هناك يوم يرجع فيه الناس إلى خالقهم، ويحاسبون فيه على أعمالهم، ويؤخذ للمظلوم حقه من الظالم؛ لبغى أغلب الناس على بعضهم، وهذا ما نراه في أيامنا عندما تغيب التقوى أو ينعدم الشعوربمراقبة الله سبحانه، وبالتالي ينعدم الاطمئنان النفسي ويزول الأمان منالمجتمع.


كان فولتير في حياته المبكرة لا يعتقد أن الإيمان بالأبدية والخلودضروري لتدعيم الأخلاق وتقويتها، وكان يقول بأن العبرانيين القدماء كانوا مجردين منالأخلاق، ومع ذلك كانوا يعتقدون بالأبدية وبكونهم شعب الله المختار. لكنه لم يجدبدًّا في أيامه المتأخرة من تصحيح اعتقاده فقال: "لا بد للبلد ليكون صالحا من أنيكون له دين، أريد من زوجتي وخياطي ومحامي أن يؤمنوا بالله، وبذلك يقل غشهموسرقاتهم لي؛ وإذا كان لا وجود لله يجب أن نخترع إلها!".


ولا بد للإيمان أن يترافق بالتقوى والعمل الصالح، والتقوى هي أن يراك الله حيث أمرك ويفتقدك حيث نهاك،وهي موجهة لسلوك الإنسان ليرقي ذاته ويرتقي في سلم الإنسانية، والتقوى بهذا المعنىتجنب السلوك المنحرف والشاذ والسيئ، وهي بالتالي من العوامل الرئيسية في نضوجالشخصية وتكاملها واتزانها لبلوغ الكمال الإنساني، وتحقيق السعادة والصحة النفسية .


العبادات.. طريق للسلام النفسي والشفاء!



أما ما يخص المنحى الثاني؛


فإن القيام بالعبادات المختلفة من صلاة وصيام وزكاة وحج تربي شخصية الإنسان وتزكينفسه، وتجعله يتحلى بكثير من الصفات التي تعينه على تحمل أعباء الحياة، ونجد في بعضالآيات القرآنية ارتباط الصبر مع الصلاة؛ فالصبر على تقلبات الحياة يساعد في تكوينالشخصية السوية التي تتمتع بالصحة النفسية. وكذلك الصوم والحج يعلمان الإنسان الصبروتحمل المشاق، ومجاهدة النفس والتحكم في أهوائها، ويزيدان من قوة الإرادة وصلابةالعزيمة، والزكاة تنمي حب الناس والإحسان إليهم والتعاون معهم.


إنه لا يقصدمن العبادة شكلها وحركاتها الظاهرة "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاةله"، و"رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش"، فالعبادات أقيمت وسائل لتحقيقغايات، وإن كانت هذه الغايات لا تقوم إلا بتلك الوسائل المؤدية إليها. وهذا ما يفسرالسر الكامن في قوله سبحانه: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، ولا يمكن تصور أنخليفة الله هذا مقصور دوره على أداء الصلوات والشعائر فقط دون الوصول إلى الغاياتالتي أقيمت لها، ما يعني أن للعبادة معنى واسعًا وشاملا.


هذا المعنى الواسع الشامل من غاياته المقصودة تنقية النفس من شوائبها وتخليصها من أدرانها؛ فعندما يستشعر المرء معنى عبوديته لله سبحانه، ويدرك ضعفه ونقائصه، ويعلم أنه يشترك بهذه الصفة مع إخوانه من بني البشر، فإنه بذلك يستطيع أن يقيم جسور المودة بينه وبينهم،ويمد أواصر التعاون معهم، من دون تكبر من أحد على أحد، ومن دون تذلل من أحد لأحد،وهكذا يتحقق أمر الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: "وكونوا عباد الله إخوانا"، وبذلك يتحقق السلام النفسي والأمن المجتمعي في آن واحد.


إن عبادةالله تسكب على النفس شعورا بالرضا وهو دليل على الصحة النفسية، والصلاة هي الصلةالحقيقية بالله سبحانه، وهنا نفهم جيدًا ذلك السر الكامن في قول النبي صلى اللهعليه وسلم: "وجُعلت قرة عيني في الصلاة". ومعنى حديث ابن تيمية رحمه الله عن تحصيل "لذة لو علمها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف".


لقد تحدث القرآن الكريم عن مفهوم "شفاء ما في الصدور" لكن هذا الشفاء لم يكن بعقاقير طبية ومعالجات كيماوية،بل بالقرآن والصلاة، وفي هذا يقول الكسيس كارليل: "لعل الصلاة هي أعظم طاقة مولدةللنشاط عرفت إلى يومنا هذا! وقد رأيت -بوصفي طبيبا- كثيرا من المرضى فشلت العقاقيرفي علاجهم؛ فلما رفع الطب يديه عجزًا وتسليمًا تدخلت الصلاة فأبرأتهم من عللهم. إنالصلاة كمعدن الراديوم مصدر للإشعاع ومولد ذاتي للنشاط. وبالصلاة يسعى الناس إلىاستزادة نشاطهم المحدود حين يخاطبون القوة التي لا ينفد نشاطها".


إننا نربط أنفسنا حين نصلي بالقوة العظمى التي تهيمن على الكون ونسألها ضارعين أن تمنحنا قبسًا منها نستعين به على معاناة الحياة، بل إن الضراعة وحدها كفيلة بأن تزيد قوتناونشاطنا، ولن تجد أحدًا تضرع إلى الله مرة إلا عادت عليه الضراعة بأحسن النتائج".



الرغبات.. بين إشباعها والتحكم فيها


المنحى الثالث هو الابتعاد عن المعصية؛ فالإسلام لم يتنكر لحاجات الإنسان ودوافعه الفطرية كمافعلت الرهبانية المبتدعة من قبل المتدينين المتزيدين الذين شهدت النصرانية مولدهم،وحدثتنا السنة النبوية عن نموذج منهم في الإسلام في الثلاثة الذين تقالّوا عملالرسول؛ فأراود الرهبنة، بل يحث الإسلام على إشباع الرغبات بطريق مشروع، وإذا لميستطع ذلك فإنه يعلمه كيف يسيطر عليها ويتحكم فيها ويوجهها توجيها سليما مراعيا لمصلحة الفرد والجماعة. ولم يُعنَ القرآن الكريم بتوجيه الإنسان إلى السيطرة على دوافعه الفيزيولوجية فقط؛ فقد عُني كذلك بتوجيهه إلى السيطرة على دوافعه النفسيةأيضا كالغضب والعدوان والتكبر


.


إن الإسلام ينهى عن الكبائر والذنوب لأنالمعصية نفسها تحطم النفس البشرية، فبسببها يضيق صدر المؤمن، وإذا ضاق الصدر ساءت الأخلاق، وإذا لم يلجأ الإنسان إلى ربه ليساعده أن يجبر كسره في معصيته، فإن قلقه يكون مضاعفا، وقد صور القرآن هذه الحالة في سورة التوبة فيما يخص كعب بن مالك وصاحبيه الذين تخلفوا عن رسول الله في غزوة تبوك: (وعلى الثلاثة الذين خُلِّفوا حتىإذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلاإليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم).


قد يستهوي المرء أن يقف متأملا أمام كلمة "خُلِّفوا"، فلم يقل القرآن "تخلفوا"، وكأن الله سبحانه يريدبهذا أن يخفف من وقع معصيتهم بعد إذ نزلت التوبة عليهم، وكذلك عبارة "ثم تاب عليهم ليتوبوا"؛ فهذا ابتداء من الله سبحانه في التوبة عليهم عندما علم نواياهم الصادقةوألمهم الشديد لمعصيتهم، فأكمل عليهم فضله بأن رزقهم الإنابة الحقيقيةإليه.


وفي معصية آدم نموذج آخر يحكي عنه ابن القيم في كتابه "الفوائد" يتمثل فيه خطاب من الله سبحانه لآدم بعد المعصية قائلا: "يا آدم لا تجزع من قولي لك "اخرجمنها" فلك ولصالح ذريتك خلقتها. يا آدم كنت تدخل علي دخول الملوك على الملوك،واليوم تدخل دخول العبيد على الملوك. يا آدم لا تجزع من كأس زلل كانت سبب كياستكفقد استخرج منك داء العُجْب وأُلبِست خلعة العبودية {وعسى أن تكرهوا...}؛ يا آدم لمأُخرج إقطاعك إلى غيرك، إنما نحّيتك عنه لأكمل عمارته لك، وليبعث إلي العمال نفقة {تتجافى جنوبهم..}؛ تالله ما نفعه عند معصيته عز {اسجدوا} ولا شرف {وعلّم آدم...} ولا خَصِيصة {لِما خلقت بيدي}، ولا فخر {ونفخت فيه من روحي}؛ إنما انتفع بذلّ {ربناظلمنا أنفسنا}، لما لبس درع التوحيد على بدن الشكر وقع سهم العدو منه في غير مقتل،فجرحه، فوضع عليه جبار الانكسار، فعاد كما كان، فقام الجريح كأن لم يكن بهقَلَبة!".


لعل هذه الكلمات الرائعة لابن القيم تعلمنا كيف نتسامح مع أنفسنامهما كانت أخطاؤنا كبيرة، مع التأكيد على أن ديننا ينهى عن الذنوب والمعاصي، ولكنهاإذا حصلت فيجب عدم التوقف عندها، بل على العاصي أن يكف عن جلد الذات ويقرع بابالتوبة، متذكرا حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: "لو لم تذنبوا فتستغفروا لخلق الله خلقا يذنبون ثم يستغفرون فيغفر الله لهم". فالتسامح مع النفس يعني الاعترافببشريتنا وعدم ملائكيتنا، والشعور بنقائصنا ونقاط ضعفنا، واللجوء إلى الله لنستمدمنه المغفرة والقوة، ولندرك أنه رغم أخطائنا فإنه سبحانه لن يتخلى عنا.


ومن الأقوال الحكيمة لابن عطاء الله السكندري: "من علامات الاعتماد على العمل نقصان الأمل عند وجود الزلل"، أما المؤمن الحقيقي فأعماله ليس لها قيمة عنده، ولذلك هو لايعتمد عليها، بل يعتمد على واسع مغفرة ربه حتى لو أتاه بقراب الأرض خطايا لعلم أنالله يأتيه بمثلها مغفرة.


هذا التسامح مع النفس يؤدي إلى تقبل النفس بعدالمعصية والتوبة، وتقبل النفس هو الحد الوسط بين جلد النفس الذي يؤدي إلى اليأسوالرضا عن النفس الذي يمنع من الاستزادة في الخير والترقي نحو الكمال. وتقبل النفسعلامة من علامات الصحة النفسية؛ لأنه يجعل تقبل الآخرين أمرا سهلا رغم كل اختلافهموأخطائهم.


بهذه الأساليب الثلاثة: "الإيمان، والطاعة، واجتناب المعصية" يسعى الإسلام إلى تقوية مناعة الفرد النفسية، وتحقيق التوازن بين البعد الروحي والبعدالجسدي؛ مما يؤدي إلى شعور الفرد بالطمأنينة والسكينة واتصاف المجتمع كله بالأمنوالسلام.

المصدر

د.ليلى أحمد الأحدب
كاتبة وطبيبة من سوريا




منقول للافائدة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الطير المهاجر
المدير العام للمنتدى
المدير العام للمنتدى
الطير المهاجر


ذكر المشاركات : 806
تاريخ الميلاد : 18/10/1990
تاريخ التسجيل : 27/04/2010
العمر : 33

الإيمان.. وأثره على الصحة النفسية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإيمان.. وأثره على الصحة النفسية   الإيمان.. وأثره على الصحة النفسية I_icon_minitimeالسبت مايو 22, 2010 5:17 pm

الإيمان.. وأثره على الصحة النفسية 141266
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sogood.roo7.biz
هدوء القمر
اداري
اداري
هدوء القمر


انثى المشاركات : 2135
تاريخ التسجيل : 18/05/2010

الإيمان.. وأثره على الصحة النفسية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإيمان.. وأثره على الصحة النفسية   الإيمان.. وأثره على الصحة النفسية I_icon_minitimeالإثنين مايو 24, 2010 9:20 am

الإيمان.. وأثره على الصحة النفسية IMG28157-1269487161
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإيمان.. وأثره على الصحة النفسية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الأناقة النفسية..

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مــنــتــد يـا ت ســـجـــو د :: قسم الملتقى النفسي-
انتقل الى: